وأسمعهم يتكلمون عن داعش. عن سخطهم الشديد من منظمةً متطرفةً تقتل الناس، تدمر الاحلام وتعيدنا كما يقولون الي زمان الجاهلية...أسمعهم يتكلمون عن تخلف داعش ورجعيتها، ويعترضون على منظمةً تعامل النساء كالجواري، تبيعهم، تستبيح أجسادهن وتمشي فوقهن على طريق الجهاد.

أسمعهم ولا أعرف ان كان يجب أن أضحك أو ان كان يجب أن أبكي!

يريدون أن يخبروني الآن أنهم حزينون على المرأة من وحش داعش المفترس، أنهم قلقون على حقوقها وحرمتها من منظمةٍ تبيعها كسلعةٍ رخيصةٍ من دون قيمة، يريدون أن يقنعوني أن انسانيتهم الفذة قد استيقظت فجأةً لتعترض بالفم الملآن على تصرفاتٍ لا انسانيةٍ بحق المرأة! يريدون أن يقنعوني أنهم يبالون بالمخلوق الذي همشوه ويهمشونه كل يوم من دون أن يرجف لهم جفن! يعتقدون بأنني بكل سذاجة أصدقهم!

كم أود أن أعرف لماذا لا نسمع كل هذه الأصوات المعارضة عندما يكون التطاول على النساء أتياً من جهةٍ غير داعش. أود أن أعرف لماذا لا نسمع كل هذه الأصوات المعارضة عندما تُحرَم المرأة من حقها بالتعلم، عندما تبقى عرضةً للعنف و الاغتصاب الاسري في ظل غيابٍ لقوانين تحميها، عندما تحرم من حقها بإعطاء الجنسية لأولادها، عندما يربط شرف الاسرة بجسدها  فتسلب حريتها، عندما تقيد بآلاف القيود الاجتماعية و الفكرية، عندما تغرق في وحول الحرام و الحلال، عندما تصبح تابعةً لأي ذكر في أسرتها ليتحكم بحياتها و يملي عليها حقوقها، عندما تربى على ثقافة التخاذل و الانتقاص، وعندما تنشأ على أنها مخلوق أقل قيمةـ أقل شأن، وعلى أنها وجدت لتكون ظل الرجل الصامت...

كم أود أن أعرف لماذا لا تتحرك كل هذه الأبواق وتجوب الشوارع اعتراضاً على أعراف وقوانين لا تزال تعامل المرأة وكأنها أنسانٌ ناقصٌ ومعتل. أين تكون كل هذه الحماسة حين تضرب امرأةٌ حتى القتل؟ أو عندما يتمّ تبرئة المغتصب عند زواجه من ضحيته؟ أو عندما تجبر فتاةٌ قاصرة على الزواج من رجل يكبرها بعشرات السنين؟ أو عندما تباع المرأة لرجلٍ لم تختاره بوثيقة زفافٍ ومهر؟
داعش هي الخطر الأكبر المُحدِق ليس بالمرأة فحسب انما في الانسان وحقوقه لكن داعش ليست الخطر الوحيد.

في كل مرةٍ نسكت فيها عن تعد ما يحدث على حقوق المرأة، في كل مرة نعلم الاناث أن أجسادهن عارٌ وعورة نساعد التطرف في استباحة نصف المجتمع وفي زرع افكارٍ ليس من شأنها سوى ابقائنا في أروقة التخلّف والرجعية.

المرأة انسانٌ مهمشٌ في مجتمعاتنا رفضنا الوقوف بجانبه يمنعنا من التقدم والطور، لنحارب داعش يجب أن نحارب أفكارها البالية بأفكار تُعيدنا الى مسار التاريخ والحياة.

Rihab Sebaaly